في إطار الجهود التشريعية المبذولة للتعامل مع ملف الإيجار القديم الشائك، والذي يشهد حراكًا برلمانيًا ملحوظًا بعد الموافقة على المادة الثانية من مشروع القانون، حيث يقدم مجلس النواب المصري عن آليات تنفيذية لضمان انتقال عادل وسلس للمستأجرين المتأثرين، ولكن من ناحية أخري رفض 24 عضو بالبرلمان إلغاء المادة الثانية من القانون.
تنص المادة الثانية بالقانون علي إنتهاء عقود إيجار الأماكن الخاضعة لأحكام هذا القانون لغرض السكنى بانتهاء مدة 7 سنوات من تاريخ العمل به، وتنتهي عقود إيجار الأماكن للأشخاص الطبيعيين لغير غرض السكنى بانتهاء مدة 5 سنوات من تاريخ العمل به، وذلك كله ما لم يتم التراضي على الإنهاء قبل ذلك.
وفي هذا السياق، تبرز ثلاث حلول رئيسية مقترحة لمعالجة الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية للقرار:
1. توفير وحدات سكنية بنظام التمويل العقاري
يتصدر مقترح توفير شقق سكنية بنظام التمويل العقاري قائمة الحلول المطروحة، يهدف هذا المقترح إلى تمكين المستأجرين، الذين ستنتهي عقود إيجارهم، من امتلاك وحدات سكنية جديدة عبر تسهيلات ائتمانية طويلة الأجل.
يعتمد هذا الحل على تفعيل دور البنوك ومؤسسات التمويل العقاري، وقد يتطلب تخصيص حزم تمويلية مدعومة بأسعار فائدة ميسرة من قبل البنك المركزي أو الحكومة.
هذا من شأنه تنشيط القطاع المصرفي والعقاري معاً، لكنه يفرض تحدياً على المستأجرين الذين قد لا تتوافر لديهم الشروط الائتمانية اللازمة أو القدرة على سداد الأقساط الشهرية، لا سيما في ظل ارتفاع أسعار الفائدة الحالية وتحديات التضخم.
2. توفير وحدات بنظام الإيجار التمليكي بنظام طويل الأمد من (20 إلى 30 عامًا):
المقترح الثاني يتلخص في تقديم نظام “الإيجار التمليكي” بمدد زمنية تتراوح بين 20 إلى 30 عامًا، و يتيح هذا النظام للمستأجرين الانتفاع بالوحدة الإيجارية مع إمكانية تملكها بعد انتهاء المدة المتفق عليها وسداد كافة الأقساط.
يمثل هذا الخيار حلاً وسطًا يجمع بين الإيجار والتملك، ويوفر استقرارًا سكنيًا طويل الأمد للمستأجرين دون تحمل عبء الشراء الفوري، و يمكن أن يكون هذا جذابًا للفئات التي لا تستطيع تحمل تكلفة الشراء المباشر أو الحصول على تمويل عقاري تقليدي.
يتطلب نجاح هذا النظام تحديد أسعار إيجارية تمليكية عادلة ومناسبة لدخول الأسر، بالإضافة إلى آليات واضحة لتحديد ملكية الوحدة بعد انتهاء المدة.
3. الإيجار المدعوم حسب الدخل والحالة الاجتماعية:
المقترح الثالث يرتكز على توفير وحدات سكنية بنظام إيجار مدعوم من الدولة، يراعى فيه مستوى دخل المستأجر وحالته الاجتماعية، و هذا الحل يستهدف بشكل مباشر الفئات الأكثر احتياجًا وتأثرًا بإنهاء عقود الإيجار القديمة.
يتطلب هذا المقترح تخصيص ميزانيات ضخمة من قبل الدولة لدعم الإيجارات، ومع ذلك، فهو يمثل ضرورة اجتماعية لمنع تفاقم أزمة الإسكان وضمان الحق في السكن للفئات الأقل دخلاً.
تحديات التنفيذ ورؤى مستقبلية:
تُظهر هذه المقترحات الثلاث التزامًا برلمانيًا بالبحث عن حلول متكاملة لأزمة الإيجار القديم، تجمع بين المبادئ الاقتصادية لتحرير السوق والمسؤولية الاجتماعية تجاه المواطنين، ومع ذلك، يواجه تطبيق هذه الحلول تحديات كبيرة:
– توفير الوحدات: مدى قدرة الدولة والمطورين العقاريين على توفير العدد الكافي من الوحدات السكنية التي تتناسب مع احتياجات المستأجرين المتضررين، سواء بنظام التمويل العقاري أو الإيجار التمليكي أو المدعوم.
– التمويل: تأمين التمويل اللازم لدعم برامج الإسكان المختلفة، سواء من الموازنة العامة للدولة أو من خلال الشراكة مع القطاع الخاص والبنوك.
ومن جانبهم، رفض 24 نائبًا معارضًا لمشروع قانون الإيجار القديم بصيغته الحالية، مؤكدين أن القانون لا يحقق التوازن بين حقوق الملاك والمستأجرين.