بنوك وتأمين

الاتحاد المصري للتأمين : إلغاء حالة الطوارئ يؤثر ايجابيا علي قطاع التأمين ويعني تراجعا في المخاطر السياسية

الجورنال الاقتصادى:

يبدو مشهد المخاطر الجيوسياسية أكثر صخبًا وتنوعًا مما كان عليه منذ عقود. و لما كانت العلاقة وثيقة بين  المناخ السياسي و النشاط الاقتصادي يؤثر كل منهما على الآخر و يتأثر به ، كانت  هناك حاجة بالغة   لوجود مظلة تأمينية لحماية الشركات العالمية وأصولها لتمكنها من إدارة تلك المخاطر السياسية.

تعريف المخاطر السياسية:

  • هي خسائر اقتصادية تنشأ عن أحداث مرتبطة بشكل مباشر أو عرضي بالعملية السياسية.
  • أو هي المخاطر التي قد تتعرض لها عوائد الاستثمار نتيجة للتغيرات السياسية أو عدم الاستقرار في أي بلد.
  • و تختلف المخاطر السياسية عن مخاطر العنف السياسي في أن الأولي هي قرارات سياسية و سيادية لها آثار اقتصادية تتمثل في خسائر قابلة للتأمين ، أما الثانية فهي عبارة عن أفعال عنف تمارس ضد الدولة الشرعية الدستورية

أهمية تأمين المخاطر السياسية

  • تتحدد أهمية  التأمين ضد المخاطر السياسية (PRI) باعتباره أداة للشركات لتخفيف وإدارة المخاطر الناشئة عن الإجراءات والقرارات  من جانب الحكومات التي قد تضر بالمشروعات والشركات والأعمال   حيث يعمل على توفير بيئة أكثر استقرارًا للاستثمارات في البلدان النامية ، وإتاحة أفضل للتمويل.

و من أمثلة  المخاطر السياسية  التي يغطيها التأمين :

  • عدم القدرة على تحويل العملة المحلية وإعادتها إلى الدولة الأم.
  • المصادرة ونزع الملكية والتأميم .
  • العنف السياسي أو الحرب (بما في ذلك الثورة أو العصيان أو الحرب الأهلية ذات الدوافع السياسية أو الإرهاب)
  • خرق أو إلغاء أو فسخ العقود .
  • الاستدعاء غير العادل لخطابات الضمان .
  • انكار المشتري العام (الحكومات و القطاع العام) الديون لأسباب غير تجارية

 

و غيرها من الإجراءات الحكومية (كالقوانين و / أو اللوائح الجديدة) التي يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على عمليات الشركة وتتدخل في عملها.

وقد يحدث أحياناً خلط بين المخاطر السياسية والمخاطر الاقتصادية. غير أن المخاطر الاقتصادية هي فرصة أن تؤثر ظروف الاقتصاد الكلي مثل أسعار الصرف أو التضخم – وليس الأحداث السياسية – على الاستثمار الأجنبي.

الهدف من التأمين ضد المخاطر السياسية

على عكس التأمين التجاري  يهدف تأمين المخاطر السياسية  إلى حماية الشركات والمشاريع التجارية من المخاطر التي لا تغطيها وثائق التأمين التقليدية الأخرى عادةً . يوفر التأمين ضد المخاطر السياسية الحماية المالية للمستثمرين والمؤسسات المالية والشركات التي تواجه إمكانية خسارة المال بسبب الأحداث السياسية. و يحمي التأمين ضد المخاطر السياسية من احتمال أن تتخذ الحكومة بعض الإجراءات التي تتسبب في تعرض المؤمن له لخسارة مالية كبيرة.

غالبًا ما يكون من الصعب للغاية – في بعض الأحيان – التنبؤ بالمخاطر السياسية ، وقد تكون خسارة الأصول والدخل التي تلي ذلك كارثية.  ، لذا يوفر  التأمين ضد المخاطر السياسية للشركات القدرة على التخفيف من آثار هذه المخاطر و زيادة قوة مركزها المالي على المدى الطويل ، خاصة عند العمل في الاقتصادات الناشئة.

ففي حين أن الأسواق النامية يمكن أن تقدم فرصة كبيرة لنمو الأعمال ، فإنها تمثل أيضًا مخاطر أكبر من الأسواق المتقدمة، حيث يمكن أن يتسبب الاضطراب السياسي في انخفاض قيمة الأصول بشدة أو تدميرها أو مصادرتها وفقدان قيمتها تمامًا. فبدون التأمين ضد المخاطر السياسية ، ستتردد الشركات بشكل خاص في العمل في البلدان النامية التي تتسم بمستوى من عدم الاستقرار السياسي يزيد عن المتوسط ​​مما قد يهدد أصولها وقدرتها على العمل بسلاسة.

تاريخ التأمين ضد المخاطر السياسية

للتأمين ضد المخاطر السياسية تاريخ طويل كأداة حكومية لتقليل المخاطر المرتبطة بالتجارة الخارجية والاستثمار المباشر.

بدأ التأمين الحديث ضد المخاطر السياسية في الظهور عقب الحرب العالمية الثانية لتعزيز الاستثمار في إعادة إعمار أوربا في إطار خطة مارشال. و ظل هذا النوع من التأمين لأكثر من أربعين عامًا تحت سيطرة المؤسسات الثنائية كمؤسسة الاستثمار الخاص عبر البحار الأمريكية (OPIC) ،. كما شاركت العديد من المؤسسات متعددة الأطراف ، مثل وكالة ضمان الاستثمار متعدد الأطراف التابعة للبنك الدولي  في سوق مؤسسات الاستثمار العامة في أواخر الثمانينيات.

ولم تبدأ شركات التأمين في المشاركة في سوق التأمين ضد المخاطر السياسية إلا في العقد التالي ، بدءًا من سوق اللويدز في لندن و مجموعة AIG الدولية.  و كان من المتوقع أن يتضاءل الطلب على التأمين ضد المخاطر السياسية بعد انتهاء التهديد الذي كان  يلوح في الأفق بنزع الملكية من قبل الأنظمة الشيوعية بعد سقوط الاتحاد السوفيتي ، لكن جاءت هجمات 11 سبتمبر 2001 لتسلط الضوء على ضعف العديد من الشركات أمام المخاطر التي لا تزال تمثلها المنظمات الإرهابية.

و اليوم ، تتركز شركات التأمين التي تغطي المخاطر السياسية  بشكل أساسي في المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وبرمودا. و تعد شركة Zurich American  للتأمين أكبر شركات التأمين نصيباً من تلك التغطيات.

وفقًا لمارش ، يوجد حاليًا ما يقرب من 60 شركة تأمين تمارس هذا النوع من التأمين على مستوى العالم. و يخلق وجود عدد كبير من شركات التأمين النشطة في سوق تأمين المخاطر السياسية حالة من المنافسة الشديدة مما يمنح المشترين القدرة على اختيار التغطية بسعر أقل.

أمثلة لسيناريوهات التأمين ضد المخاطر السياسية

يمكن للتأمين ضد المخاطر السياسية أن يساعد على حماية الأصول المادية واستثمارات الأسهم وعقود الشراء والقروض الدولية.

على سبيل المثال، إذا كان لدى شركة متعددة الجنسيات عقد لتزويد بلد أجنبية بمنتج ما، وبعد أن قامت الشركة بتصنيع وشحن المنتج، أصبحت الحكومة معسرة ولم تتمكن من دفع الرصيد المستحق ، في هذه الحالة يمكن أن يغطي التأمين ضد المخاطر السياسية الخسارة . وبالمثل  إذا وصلت حكومة جديدة إلى السلطة وغيرت لوائح الاستيراد بطريقة تعني أن هذا النوع من المنتجات لم يعد مسموحاً له بدخول البلاد ، فإن التأمين ضد المخاطر السياسية يمكن أن يغطي خسارة الشركة المصنعة للمنتج.

مثال آخر: إذا أقامت شركة تصنيع سيارات مصنعًا في دولة نامية ، ثم حدث انقلاب في تلك الدولة ، وأعلنت الحكومة الوطنية بعد الانقلاب ملكيتها لجميع المصانع الخاصة السابق إقامتها ، فإن التأمين ضد المخاطر السياسية يمكن أن يعوض شركة تصنيع السيارات عن فقدان مصنعها..

كيف يختلف التأمين ضد المخاطر السياسية عن التأمين ضد العنف السياسي والتأمين ضد الإرهاب؟

كما سبق يجب التفرقة بين الأخطار السياسية و أخطار العنف السياسي Political Risks vs. Political Violence Risks  وفيما أن تغطية الأخطار السياسية هي تغطية متخصصة لا تقبل عليها كافة شركات التأمين فإن تغطية أخطار العنف السياسي عادة ما تكتتب ضمن أعمال تأمينات الممتلكات كوثيقة إضافية أو مستقلة stand alone  وفقا للسياسة الاكتتابية للشركة المقدمة للتغطية.

 

 وتغطي أخطار العنف السياسي على وجه الحصر :

الممتلكات المؤمن عليها أثناء تواجدها فى الموقع (المواقع) المحددة في جدول الوثيقة ضد  الخسارة المادية أو الأضرار المادية التي تقع خلال مدة التأمين، والناجمة بشكل مباشر عن:

  • الإرهاب والتخريب
  • الفعل الضار المتعمد
  • الشغب والإضرابات و العصيان المدني.
  • الغزو  و الأعمال العدائية (سواء أعلنت الحرب أم لم تعلن) أوالحرب أهلية أو التمرد أو الثورة أو الإنقلاب أو العصيان أو الحرب

الفرق بين المخاطر السياسية الخاصة بالشركة والمخاطر السياسية الخاصة بالدولة

المخاطر السياسية الخاصة بالشركة هي مخاطر موجهة إلى شركة بعينها وهي بطبيعتها  تمييزية.

مثل خطر قيام حكومة ما بإلغاء عقدها مع شركة معينة .

و على النقيض من ذلك ، لا تنعكس المخاطر السياسية الخاصة بالدولة على شركة بعينها، ولكنها تشمل جميع أنحاء الدولة ، وقد تؤثر ضمنياً على أداء الشركة. و من أمثلة ذلك قرار الحكومة بمنع تحويلات العملة أو اندلاع حرب أهلية داخل البلد المضيف.

وقد تكون الشركات قادرة على تقليل احتمالية وتأثير المخاطر الخاصة بالشركة من خلال إدراج لغة تحكيم قوية في العقد بينما  عادة ما يكون للشركات سيطرة قليلة على تأثير المخاطر السياسية على مستوى الدولة على عملياتها. الطريقة الوحيدة المؤكدة لتجنب المخاطر السياسية على مستوى الدولة هي التوقف عن العمل في البلد المعني وضمان وجود تغطية تأمينية لتعويض الخسائر.

الفرق بين المخاطر السياسية الحكومية ومخاطر عدم الاستقرار:

المخاطر الحكومية هي تلك التي تنشأ من تصرفات السلطة الحكومية . فيمكن اعتبار الزيادة الضريبية التي يتم سنها بشكل شرعي مخاطر حكومية.

بينما تنشأ مخاطر عدم الاستقرار من أعمال العنف السياسي وبعضها قابل للتأمين والبعض الآخر غير قابل للتأمين ويوضح الجدول التالي بعض أمثلة المقارنة بين المخاطر الحكومية ومخاطر عدم الاستقرار بالمعني السابق

 أخطار حكوميةمخاطر عدم الاستقرار
مخاطر خاصة بالشركة●       اللوائح التمييزية

●       نزع الملكية “التدريجي”

●       الإخلال بالعقد

●       التخريب

●       الاختطاف

●        مقاطعة الشركات

مخاطر على مستوى الدولة●       عمليات التأميم الجماعية

●       التغييرات التنظيمية

●       عدم إمكانية تحويل العملة

 

●       الإضرابات الجماعية

●       أعمال الشغب

●       الحروب الاهلية

 المصدر: Robert Egge

 

مطالبات المخاطر السياسية – الإحصاءات والاتجاهات الحالية

 

أسفرت دراسة أجرتها ويليس تاورز واتسون  عام 2021على 30 شركة كبرى تمارس عمليات دولية واسعة النطاق النتائج التالية:

  • 45 ٪من المشاركين تجاوزت الخسائر الناجمة عن مصادرة ممتلكاتهم 500 مليون دولار.
  • بالرغم من تزايد حجم الخسائر المبلغ عنها نتيجة للمخاطر السياسية إلا أن 42% فقط من المشاركين في الاستقصاء يعتمدون على التأمين ضد المخاطر السياسية لمعالجة هذه الخسائر .
  • اعتمد 58% من المشاركين على التأمين الذاتي عن طريق تخصيص مبالغ كبيرة من رأس المال للتعامل مع هذا النوع من المخاطر. و برر40% منهم ذلك بأن تغطية المخاطر السياسية الحالية لم تكن واسعة النطاق بما يكفي ، بينما رأى 25% أن احتمال تعرضهم للخسارة لم يكن كافياً لشراء  التغطية .

تأمين الأخطار السياسية في مصر

بينما تقدم شركات التأمين المصرية لعملائها وثائق تأمين تغطي مخاطر العنف السياسي بالتفصيل السابق

تختص الشركة المصرية لضمان الصادرات بتقديم تغطيات تأمينية ضد المخاطر السياسية (أخطار الدولة)  لدعم المصدرين و مساعدتهم  في إدارة مستحقاتهم وحمايتها وتمويلها و كذلك المستثمرين مع تضمين بعض الأخطار  المتعلقة بالعنف السياسي

 

و من المنتجات التي تقدمها الشركة :

أولاً :  تأمين ائتمان الصادرات:

تنقسم تغطية تأمين ائتمان الصادرات الي تغطيتين :

  • إخفاق المشتري (المستورد) في السداد Default
  • اخطار الدولة : المصادرة و التأميم و الإخلال بالعقد و منع تحويل العملة.

ويتم الاكتتاب في كلا النوعين من الأخطار وغالبا ما تمتلك الشركات قواعد بيانات عن أهم المشترين فضلا عن أدوات لتقييم الخطر السياسي مثل خريطة الأخطار السياسية الواردة في بداية النشرة.

و يقدم التغطيات التأمينية التالية:

  • تأمين الصادرات

 

الصلاحية للتأمينالمخاطر المغطاة
·        الصادرات مصرية المنشأ

·        صادرات الكيانات المملوكة لمصريين للخارج

·        المبيعات الداخلية للشركة عبر الحدود

·        المبيعات المحلية

·        واردات السلع الاستراتيجية والرأسمالية بغرض التصنيع

·        المخاطر السياسية ومخاطر الائتمان قبل و بعد الشحن

·        المخاطر السياسية ومخاطر الائتمان قبل وبعد الشحن

·        المخاطر السياسية فقط مرحلة ما بعد الشحن فقط

·        مخاطر الائتمان فقط قبل و بعد الشحن

·        مخاطر الائتمان فقط قبل و بعد الشحن.

  • التأمين ضد خطر إبطال العقود:
  • الصلاحية للتأمين: اتفاقيات الالتزام بالشراء طويل الأجل ، تمويل المعدات ،تمويل المشاريع، الاستدعاء غير العادل لخطابات الضمان.
  • المخاطر المغطاة: المخاطر السياسية ومخاطر الائتمان

ثانياً :  تأمين الاستثمار     :

و يقدم التغطيات التأمينية ضد الأخطار التالية:

  • خطر الحرب والإرهاب والاضطراب المدني

– و يقدم الحماية من فقدان الأصول الملموسة أو إتلافها أو اختفائها بسبب أعمال الحرب السياسية أو الاضطرابات المدنية.

الصلاحية للتأمين : الشركات المصرية المستثمرة في الخارج ، و الشركات الأجنبية المستثمرة في مصر

المخاطر المغطاة : المخاطر السياسية.

  • خطر المصادرة
  • و يقدم الحماية من الخسائر الناجمة عن بعض الإجراءات الحكومية التي قد تقلل من ملكية الاستثمار المؤمن عليه
  • الصلاحية للتأمين : الشركات المصرية المستثمرة في الخارج ، و الشركات الأجنبية المستثمرة في مصر
  • المخاطر المغطاة : المخاطر السياسية.
  • خطر الإخلال بالعقد
  • و يقدم الحماية من الخسائر الناشئة عن خرق الحكومة أو تنصلها من عقد مع مستثمر.
  • الصلاحية للتأمين : الشركات المصرية المستثمرة في الخارج ، و الشركات الأجنبية المستثمرة في مصر
  • المخاطر المغطاة : المخاطر السياسية .

 

  • خطر عدم تحويل العملة وقيود التحويل
  • و يقدم الحماية من الخسائر الناجمة عن عدم القدرة على تحويل العملة المحلية بشكل قانوني إلى العملة الصعبة.
  • الصلاحية للتأمين : الشركات المصرية المستثمرة في الخارج ، و الشركات الأجنبية المستثمرة في مصر
  • المخاطر المغطاة : المخاطر السياسية .

 

رأي الاتحاد

يعد القرار الجمهوري الصادر مؤخّراً بإلغاء حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد ، من أهم القرارات التي ستساهم بشكل كبير في تحسن الأوضاع الاقتصادية وخاصة فيما يتعلق بالعديد من المجالات و  القرارات الاستثمارية ، كما أن التأمين سيستفيد إيجابيًا من قرار إلغاء حالة الطواري، وبشكل غير مباشر، عبر زيادة حجم اقساط التأمين المكتتبة ، كما سيؤدي بالضرورة إلى خلق فرص استثمارية جديدة داخل البلاد مع زيادة حجم الاستثمار الأجنبي الوارد الي مصر ، لأن مثل هذه القرارات تبث الطمأنينة في نفوس المستثمرين.

من ناحية أخرى  سيؤدي هذا القرار إلى تحسن أسعار بعض التغطيات والوثائق التأمينية التي تعتمد بشكل كبير علي معيدي التأمين بالخارج مثل تأمين العنف السياسي والمخاطر السياسية مما يساهم في خفض تكلفة  هذا النوع من التأمين وتحسين المؤشرات الاكتتابية في الاقتصاد المصري من ناحية الأخطار السياسية و أخطار العنف السياسي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى