عدنان يوسف لـ “الجورنال الاقتصادى”: البنك المركزى المصرى تعامل مع أزمة “كورونا” بحرفية عالية

النمو العالمى سيتأثر سلبا بالأزمة .. والتجارة العالمية ستشهد تراجعا خلال 2020
القطاع المصرفى العربى قادر على الصمود وأصوله تزيد على 3.7 ترليون دولار
4.3 مليار دينار رصدتها البحرين لمواجهة آثار أزمة كورونا مع حزمة من الإجراءات الفعالة
بنك البركة مصر أحد المساهمين مع إتحاد بنوك مصر والبنك المركزى لدعم المتضررين
حوار نجلاء ذكرى ـ الجورنال الاقتصادى:
فى حوار خاص لموقع الجوررنال الاقتصادى أكد عدنان أحمد يوسف رئيس مجلس إدارة جمعية مصارف البحرين، ورئيس مجلس الإدارة سابقاً – لإتحاد المصارف العربية والرئيس التنفيذى لمجموعة البركة المصرفية أن النمو العالمى ـ فى ظل أزمة “كورونا”ـ سيتحول إلى معدلات سالبة حادة في عام 2020، بحسب توقعات صندوق النقد الدولي. فمنذ ثلاثة أشهر فقط كان الصندوق يتوقع معدلات نمو موجبة لدخل الفرد في عام 2020 في أكثر من 160 من بلداننا الأعضاء.
واليوم انقلب هذا العدد رأسا على عقب، فأصبح يتوقع تسجيل معدلات نمو سالبة لدخل الفرد في أكثر من 170 بلدا عضوا هذا العام. وتنطبق هذه الآفاق السلبية المتوقعة على الاقتصادات الصاعدة والنامية على السواء.
ونظرا لإجراءات الاحتواء الضرورية لإبطاء معدل انتشار الفيروس، بدأ الاقتصاد العالمى يتضرر بشدة. وينطبق هذا بشكل خاص على تجارة التجزئة والضيافة “الفندقة”، والنقل، والسياحة، فأغلبية العمالة في معظم البلدان إما تعمل لحسابها الخاص أو في مشروعات صغيرة ومتوسطة. ومؤسسات الأعمال والعمالة هذه معرضون للخطر بشكل خاص.
وحول سؤال عن توقعاته بشأن التجارة العالمية،أكد عدنان يوسف أن منظمة التجارة العالمية تتوقع تراجع التجارة العالمية في السلع هذا العام بسبب جائحة مرض كوفيد-19 قبل أن تسجل التجارة انتعاشاً محتملاً فى 2021. ووضعت منظمة التجارة نطاقا واسعا للتراجع فى العام الحالى، ليتراوح بين 13 و32%، حيث أنه لا تزال هناك ضبابية تكتنف التأثير الاقتصادى للأزمة الصحية غير المسبوقة، حيث أعطت الحكومات الأولوية لحماية حياة البشر واضطرت لاتخاذ إجراءات أثرت بشكل كبير على حركة التجارة العالمية.
وحول ما يمكن أن يشهده العالم من أزمة فى السلع الغذائية، وتأثير ذلك على الأسعار والتضخم العالمى، اوضح الرئيس التنفيذى لمجموعة البركة المصرفية أنه يمكن لانتشار مرض كورونا (كوفيد-19) أن يؤثر في سلسلة توريد الغذاء وليس محاصيل انتاج الغذاء نفسه، لذلك ليس بالضرورة أن تتحول جائحة فيروس كورونا إلى أزمة تؤثر فى الأمن الغذائى إذا ما تمت معالجة هذا الموضوع عالميا.
وتتوقف درجة تأثير انتشار المرض فى أسواق المواد الغذائية على احتفاظ البلدان بهدوئها في مواجهة اضطرابات سلسلة الإمداد وعدم اللجوء إلى سياسات إفقار الجار. والتدفق السلس للتجارة العالمية سيساعد على تأمين توريد الأغذية. كما أن مراقبة أسعار الأغذية ومراقبة الأسواق من شأنه تعزيز السياسات الحكومية والحيلولة دون انتشار الذعر بين الأشخاص.
ومن الأهمية أن يتوفر الدعم للبلدان والشعوب الأشد احتياجاً، ليس عن طريق توفير الرعاية الصحية فحسب، وإنما أيضاً عن طريق المساعدات من خلال شبكات الأمان التى تتمتع بالمرونة في الاستجابة للأزمات.
وعن وضع المصارف العربية فى ظل أزمة كورونا، أوضح عدنان يوسف أن إجمالى أصول القطاع المصرفى العربى 3.7 تريليون دولار بنهاية العام الماضى، وبلغت الودائع 2.4 تريليون دولار، والقروض 2 تريليون دولار، حيث تستحوذ كل من السعودية والإمارات على الجزء الأكبر من تلك الأصول بنحو 40%، بقيمة 700 مليار دولار للأولى، و800 مليار للثانية.
وبشكل عام وضعية البنوك العربية مطمئنة للغاية، لكن لا ينفى ذلك القول إن جائحة كورونا سوف تؤثر على الملاءة المالية للكثير من الشركات والأفراد مما قد يضطر البنوك لزيادة المخصصات، كذلك الإجراءات والتدابير الصحية والاحترازية التي اتخذتها البنوك للتحوط من تداعيات كورونا سوف يؤثر على العمليات التشغيلية.
كما أن شبه الجمود في النشاط الاقتصادى يعنى تقليل فرص التمويل والاستثمارات حتى مع انخفاض أسعار الفائدة.
وبطبيعة الحال، فقد بادرت البنوك العربية لمواجهة تداعيات الفيروس إلى زيادة حجم نشاط الخدمات المصرفية عبر شبكة الإنترنت على نحو كبير عبر الموبايل بانكنج.
وسوف نشهد في المستقبل التوسع في قاعدة الخدمات المصرفية التى يمكن تقديمها عبر شبكة الإنترنت لمواجهة أى أزمات شبيهة.
وعما يجب على البنوك العربية القيام به وخاصة على صعيد البنوك المركزية العربية أكد عدنان يوسف أن كافة المصارف المركزية العربية تقريبا اعتمدت جملة من الإجراءات المتعلقة بالقطاع المصرفى من أجل الحد من تداعيات الفيروس على الاقتصاد الوطني والنشاطين الاستهلاكي والتمويلى.
فقد دعت البنوك المركزية المصارف إلى الموافقة على إعادة هيكلة التمويل المقدم إلى العملاء دون رسوم إضافية، وكذلك تقديم التمويل الضرورى لعملاء القطاع الخاص الذين فقدوا وظائفهم.
كما دعت المصارف إلى مراجعة الفائدة والرسوم الأخرى لبطاقات الائتمان تماشياً مع انخفاض أسعار الفائدة التي حصلت مؤخراً.
وتضمنت الإجراءات المتخذة توفير الاحتياجات التمويلية للعملاء، وإعفاء جميع العملاء من رسوم إجراء العمليات عبر القنوات الإلكترونية، وكذلك من رسوم انخفاض الرصيد عن الحد الأدنى، ومن أي رسوم تُفرض على عمليات إعادة التمويل أو إنهاء اتفاقيات قائمة (تمويل أو ودائع)، ولمدة 6 أشهر على الأقل.
وفى المقابل خففت البنوك المركزية من المتطلبات الخاصة بالاحتياطى القانونى والمعيار المحاسبى الدولى ، كما أبدت استعدادها لتزويد البنوك بالسيولة اللازمة لتنفيذ تلك الإجراءات.
وحول تأثير أزمة كورونا على الإقتصاد البحرينى قال عدنان يوسف أن البحرين أعلنت عن حزمة من القرارات والإجراءات المالية والاقتصادية بنحو 4.3 مليار دينار الصادرة بموجب التوجيهات الملكية، وهو ما يجسد على نحو جلى حرص جلالة الملك حفظه الله ، والقيادة السياسية والحكومة على الحفاظ على النمو المستدام، وبنفس الوقت صحة وسلامة المواطنين والمقيمين كونها تمثل أولوية قصوى يجب أن توجه لها كافة الجهود الحكومية بتعاون وتكاتف الجميع، وفي المقدمة منهم مؤسسات القطاع الخاص من بنوك ومؤسسات مالية وشركات وغيرها.
إن حزمة القرارات المالية والاقتصادية وكذلك قرارات مصرف البحرين المركزى تعكس النظرة الثاقبة والشاملة التي تعالج بها الحكومة الموقرة التداعيات الناجمة عن انتشار فايروس كورونا على كافة الأصعدة الصحية والاجتماعية والاقتصادية فى مملكة البحرين، الأمر الذى سوف يمكن المجتمع والاقتصاد الوطني من تجاوز هذه الأزمة في أسرع وقت ممكن إن شاء الله، بتكاتف جهود الجميع دون استثناء.
وفى سؤال عن أوضاع مجموعة البركة المصرفية على المستوى الاقليمى والعالمى، أكد عدنان يوسف للجورنال الاقتصادى أن أوضاع المجموعة ولله الحمد جيدة ونحن مطمئنون لسلامة الأوضاع المالية لوحداتنا المصرفية في كافة الدول العربية والآسيوية والأفريقية، كونها تتعامل مع منتجات الاقتصاد الحقيقى وليس لها أية مضاربات. كما أن التنوع الجغرافى يمنحنا ميزة كبيرة لتحقيق النمو المستدام في العمليات والعوائد.
ولكنه أشار مستدركا بأنه بالطبع سوف تتأثر عوائد الوحدات بالتداعيات الناجمة عن مرض كورونا، كذلك بالتسهيلات التي سوف تقدمها لعملائها لتمكينهم من التعامل مع تلك التداعيات، ولكن نرى ذلك وضع طبيعى وجزء من الدور الاجتماعى الذى تقوم به وحداتنا فى بلدانه..
وعما قدمته مجموعة البركة من مساعدات للدول التى تتواجد بها لدعم اقتصاداتها او لمساعدة الفئات الأكثر تضررامن جراء الأزمة أوضح عدنان يوسف أن لدى مجموعة البركة المصرفية برنامج واسع وشامل للاستدامة والمسئولية الاجتماعية.
وفي العام 2016 قررت المجموعة نقل هذا البرنامج. لذلك وضعت المجموعة أولويات وأهداف محددة للسنوات الخمس القادمة ومنها توفير 51 ألف فرصة عمل فى الدول التى نعمل فيها نتيجة لتمويل أعمال العملاء الجدد والحاليين.
- وتقديم التمويل والدعم بمبلغ يزيد عن 434 مليون دولار أمريكي للمشاريع الصحية.
- وتمويل ودعم بمبلغ 197 مليون دولار لمشاريع الطاقة المستدامة.
ويتمّ ربط أهداف البركة بصورة مباشرة بالأهداف العالمية للتنمية المستدامة للأمم المتحدة. وبصورة خاصة، تركز أهدافنا على الأهداف العالمية المتمثلة بالترتيب فى القضاء على الفقر ، والصحة الجيدة والرفاه ، والتعليم الجيد ، والمساواة بين الجنسين ، وطاقة نظيفة وبأسعار معقولة ، والعمل اللائق ونمو الاقتصاد ، والابتكار الصناعى، والبنية التحتية والهياكل الأساسية .
وخلال العام 2019، أجرت المجموعة تقييمًا شاملً للأثر الناجم عن التقدّم المحرز عام 2018 فيما يتعلق بتحقيق تلك الهداف، حيث استطاعت المجموعة
- إتاحة 7631 وظيفة لعام 2018 بنسبة 75 %.من الهدف الموضوع للعام 2018.
- وقدمت 40,375,000 دولار أمريكي في صيغة تمويلات ودعم للمشاريع التعليمية، وهو ما يمثل 106 % من الهدف الموضوع لعام 2018 .
- كما قدمت 153,621,000 دولار أمريكى فى صيغة تمويلات ودعم للمشاريع الصحية، وهو ما يمثل 177 % من الهدف الموضوع لعام .2018
وعما إذا كانت المجموعة ستتوجه فى المستقبل القريب لدعم الصناعات الدوائية والزراعية بأكثر من ذى قبل لتوقع زيادة الطلب عليها مستقبلا، أجاب عدنان يوسف فى حواره للجورنال الاقتصادى أنه منذ سنوات طويلة والمجموعة لديها تمويلات كبيرة في هذه القطاعات وخاصة الدوائية والزراعية بحكم تواجد وحداتها المصرفية فى بلدان تعتمد على هذه الأنشطة. إن وحدات المجموعة دائما تركز على تلبية الاحتياجات المحلية لمجتمعاتها وبلدانها. لذلك توقع عدنان يوسف أن نشهد تمويلات أكبر من قبل الوحدات لهذه القطاعات استجابة لاحتياجات مجتمعاتها.
وعن رؤيته للإجراءات التى إتخذها البنك المركزى المصرى لمواجهة تداعيات أزمة كورونا ، وما قدمه بنك البركة / مصر للعملاء فى ظل هذه الإجراءات، قال عدنان يوسف، أصدر البنك المركزي المصرى عدة تعاميم فى إطار الإجراءات الاحترازية للحد من مخاطر انتشار الفيروس وتأثيراته، تجلت بوضع حدّ يومى مؤقت لعمليات السحب والإيداع النقدى بفروع البنوك وأجهزة الصراف الآلى وذلك بهدف الحد من مخاطر انتشار الفيروس، وتأجيل الاستحقاقات الائتمانية للشركات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر لمدة 6 أشهر، وعدم تطبيق أية غرامات على التأخر في السداد.
كما طلب البنك المركزى وضع خطط عاجلة لزيادة الحدود الائتمانية مع المصارف الخارجية بهدف استمرار توفير التمويل اللازم لعمليات التجارة الخارجية، وحث العملاء على تنفيذ المعاملات المصرفية من خلال القنوات الإلكترونية والبطاقات بدلا من التعاملات النقدية، بالإضافة الى زيادة الحدود اليومية للتعامل ببطاقات الخصم والائتمان. كما أعلن البنك المركزى قيامه بمراقبة الأوضاع والتطورات محلياً ودولياً، للتدخل بشكل فوري واتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على الاستقرار المصرفي والنقدى.
ونحن نرى إن هذه الإجراءات تنسجم مع كافة الإجراءات التي اتخذتها البنوك المركزية على مستوى العالم، وسوف تسهم بشكل كبير في الحد من تداعيات أزمة كوفيد 19.
أما بالنسبة لبنك البركة مصر فهو أحد المساهمين في المبادرة التي قام بها 22 بنكًا محليا بتقديم تبرعات بما يزيد عن 660 مليون لدعم المتضررين من أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد كوفيد-19، وهي المبادرة التي أطلقها اتحاد بنوك مصر مع البنك المركزى.
وعن مؤشرات البركة مصر، والمنتجات التى سيتم طرحها في الفترة المقبلة، أجاب عدنان يوسف بأن نتائج البنك خلال العام 2019 متميزة للغاية، حيث حقق صافى ربح 1054 مليون جنيه الأمر الذى مكن مجلس إدارة البنك من اقتراح توزيع أرباح 30٪ للمساهمين من رأس المال المصدر والمدفوع بقيمة قدرها 463٫9 مليون جنيه وستكون في صورة توزيعات نقدية بنسبة 10٪ وفى صورة أسهم مجانية تستخدم في زيادة رأسمال البنك بنسبة 20٪ . وبلغ إجمالي الميزانية 72٫7 مليار جنيه بنسبة نمو قدرها 16٪، وبلغت المرابحات وعمليات الاستثمار والاستثمارات المالية 63٫9 مليار جنيه مصري وبنسبة نمو 16٪ عن المحقق العام السابق وهو ما يعكس استراتيجية البنك وخططه التنفيذية فى استمرار التوجه بقوة للاستثمار بصفة رئيسية مع العملاء الجيدين ذوي الجدارة الائتمانية المرتفعة مع مراعاة الاحتفاظ بنسب السيولة اللازمة والمقررة من البنك المركزى المصرى.
كما يعمل البنك على تأسيس شركة قابضة للاستثمارات المالية الائتمانية كذراع استثمارية برأسمال قدره 200 مليون جنيه في إطار سعى البنك لزيادة استثماراته المالية واستمرار المشاركة في منظومة الاستثمارات فى مصر من خلال تأسيس شركات جديدة وصناديق تهدف إلى تقديم خدمات مالية استثمارية متكاملة ومتوافقة مع الشريعة الإسلامية.
كما تتجلى المسئولية المجتمعية للبنك بقيامه بإنشاء ثلاث وحدات طبية لتوفير العلاج الطبي مجانًا للفقراء والمحتاجين وهى : وحدة متخصصة في جراحة المخ والأعصاب والعمود الفقرى بمستشفى جامعة عين شمس، ووحدة عناية مركزة بمستشفى جامعة القاهرة، ووحدة غسيل الكلى بمستشفى جامعة المنصورة بالإضافة إلى المساهمة في أحد مستشفيات علاج سرطان الأطفال بمدينة طنطا بالغربية وتطوير العشوائيات وإقامة مسابقة سنوية لحفظة القرآن الكريم للأعمار السنية المختلفة على مستوى الجمهورية، والتبرع لصندوق تحيا مصر للمساهمة فيما يقوم به الصندوق من خدمات ضخمة تجاه المجتمع.



