أسواق

أسعار النفط عند أعلى مستوياتها في 5 أشهر على خلفية خفض حصص الإنتاج

الجورنال الاقتصادي

ساهمت خطة خفض حصص الإنتاج المفاجئة التي أعلنت عنها الأوبك وحلفائها في بداية أبريل 2023 في تعزيز أسعار النفط التي كانت قد تراجعت الشهر الماضي إلى أدنى مستوياتها في 15 شهراً في أعقاب أزمة قطاع البنوك في الولايات المتحدة وعلى خلفية المخاوف الناجمة عن انتقال عدوى تلك الاضطرابات إلى مناطق أخرى وفئات الأصول المختلفة. وقد أدى دفع خفض حصص الإنتاج إلى دفع المشترين الآسيويين إلى اقتناص الشحنات خوفًا من ارتفاع الأسعار في المدى القريب. وكشف تقرير صادر عن وكالة بلومبرج أن مصافي التكرير في اليابان والصين وتايلاند بدأت في اقتناص فرصة شراء شحنات النفط الفورية تحميل شهر يونيو 2023 بوتيرة سريعة.
وظلت المؤشرات الاقتصادية التي تؤثر على أسواق النفط متباينة، حيث يتوقع الآن أن يكون النمو العالمي أبطأ مما كان متوقعاً في السابق، بينما قد تتوقف موجة رفع أسعار الفائدة في الوقت الحالي نتيجة لاعتدال معدلات التضخم. وسلط محضر الاجتماع الأخير لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الضوء على مخاطر أزمة قطاع البنوك وتأثيرها على الاقتصاد وبالتالي الطلب على النفط. كما أعطت أحدث بيانات التضخم من الولايات المتحدة إشارات متضاربة مع ارتفاع التضخم الأساسي وانخفاض المؤشر الكلي على أساس سنوي إلى أدنى المستويات المسجلة منذ أبريل 2021. إلا ان توقعات الإجماع تشير الآن إلى رفع أسعار الفائدة بوتيرة أقل حدة هذا العام، هذا إلى جانب التفاؤل بأن الولايات المتحدة ستكون على وشك إنهاء دورة رفع أسعار الفائدة، بل والبدء في خفضها بنهاية العام الحالي. وبالانتقال إلى أوروبا، صرح أحد أعضاء البنك المركزي الأوروبي إن البنك قد انتهى من معظم زيادات أسعار الفائدة.
وعلى صعيد الطلب، ظلت الصين هي النقطة المضيئة في سوق النفط حيث أظهرت أحدث البيانات تحسن الطلب بوتيرة قوية على الرغم من وجود بعض التحفظات. إذ ارتفعت واردات الصين من النفط في مارس 2023 بنسبة 22.5 في المائة على أساس سنوي لتصل إلى نحو 12.3 مليون برميل يومياً، فيما يعد أعلى مستوى منذ يونيو 2020. إلا ان ذلك النمو يعزى إلى تزايد عمليات تشغيل المصافي التي تستهدف الاستفادة من ارتفاع الطلب على تصدير المنتجات المكررة والتي سجلت نمواً خلال الشهر. وما يزال الطلب المحلي في الصين ضعيفاً حيث كشفت أحدث تقارير التضخم عن ارتفاع الأسعار بأبطأ وتيرة منذ سبتمبر 2021.
وظل الطلب على البنزين قوياً في الولايات المتحدة مع ارتفاع الاستهلاك إلى أعلى مستوياته المسجلة منذ ديسمبر 2021 في مارس 2023. ويعزى ذلك بصفة رئيسية إلى حالة الطقس الأكثر دفئاً من المعتاد، الأمر الذي أدى إلى زيادة حركة التنقل. ووفقاً لوكالة بلومبرج، أدى انخفاض أسعار البنزين بنسبة 12 في المائة على أساس سنوي إلى زيادة الاستهلاك.
أما على صعيد العرض، تراجع إنتاج الأوبك هامشياً في مارس 2023، وفقاً لبيانات وكالة بلومبرج. إذ بلغ إجمالي الإنتاج 29.16 مليون برميل يومياً فيما يعزى بصفة رئيسية إلى الانخفاض الحاد لإنتاج أنجولا والانخفاضات الهامشية التي شهدها انتاج كلا من العراق والسعودية. وقابل تلك الانخفاضات ارتفاع الإنتاج بصفة رئيسية من قبل نيجيريا. من جهة أخرى، ارتفع إنتاج النفط في الولايات المتحدة خلال الأسبوع المنتهي في 7 أبريل 2023، مسجلا زيادة قدرها 100 ألف برميل يومياً ليصل إلى 12.3 مليون برميل يومياً، بعد أن ظل ثابتاً خلال الأسبوع السابق. ويعكس ثبات إنتاج النفط الأمريكي الاتجاه الهبوطي لعدد منصات حفر النفط والتي تراجع عددها إلى أقل من مستوى 600 منصة حفر خلال نفس الأسبوع.
الاتجاهات الشهرية لأسعار النفط
اتخذت أسعار النفط مساراً تصاعدياً إلى حد كبير بعد أن وصلت إلى أدنى مستوياتها خلال الأسبوع الثالث من مارس 2023، وذلك بعد التقليل من المخاوف المتعلقة بأزمة المصارف الأخيرة في الولايات المتحدة. وظلت الأسعار فوق مستوى 80 دولار أمريكي للبرميل في أبريل 2023 بعد إعلان الأوبك وحلفائها عن تعميق خفض حصص الإنتاج حتى نهاية العام. وحذرت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري الأخير من أن الأسعار قد تواصل ارتفاعها إذا تم تطبيق تلك التخفيضات، مما قد ينتج عنه شح امدادات أسواق النفط خلال النصف الثاني من العام 2023 وسط تصاعد حالة عدم اليقين الاقتصادي.
وتراجع متوسط أسعار النفط على نطاق واسع للمرة الأولى منذ ثلاثة أشهر. إذ انخفض سعر سلة نفط الأوبك إلى ما دون مستوى 80 دولار أمريكي للبرميل ووصل في المتوسط إلى 78.45 دولار أمريكي للبرميل في مارس 2023، بتراجع بلغت نسبته 4.2 في المائة. من جهة أخرى، تراجع سعر النفط الكويتي هامشياً بنسبة 4.0 في المائة ليصل في المتوسط إلى 79.86 دولار أمريكي للبرميل، بينما شهد سعر مزيج خام برنت تراجعاً حاداً بنسبة 5.1 في المائة ليصل إلى 78.3 دولار أمريكي للبرميل في المتوسط.
الطلب العالمي على النفط
أبقت منظمة الأوبك على تقديرات الطلب العالمي على النفط للعام 2022 دون تغيير بنمو قدره 2.5 مليون برميل يومياً ليصل معدل الطلب في المتوسط إلى 99.6 مليون برميل يومياً خلال العام. إلا انه كانت هناك مراجعات على مستوى كل دولة على حدة بما يعكس البيانات المتاحة. حيث قامت الأوبك بخفض توقعات الطلب على النفط للدول التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية خلال الربع الرابع من العام 2022، وهو الأمر الذي قابله رفع توقعات الطلب للدول غير الأعضاء بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وشمل ذلك ارتفاع تقديرات الطلب لأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط وروسيا.وبالنسبة للعام 2023، تم الإبقاء أيضاً على توقعات نمو الطلب العالمي على النفط دون تغيير عند مستوى 2.3 مليون برميل يومياً ليصل في المتوسط إلى 101.89 مليون برميل يومياً، وذلك على الرغم من تعديل البيانات الأساسية على مستوى كل دولة على حدة. كما تم خفض البيانات الفصلية للدول التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بما يعكس بيانات الربع الأول من العام 2023 بالإضافة إلى الانخفاض المتوقع في النشاط الاقتصادي للدول التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في أمريكا وأوروبا. وقد قابل ذلك مراجعة تصاعدية لتوقعات الطلب من قبل الصين، إلى جانب كل من الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية وأوروبا الأخرى. وسلط تقرير الأوبك الأضواء على تزايد الطلب بوتيرة أقوى من المتوقع على مستوى الدول غير الأعضاء بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية خلال أول شهرين من العام، مما أدى إلى رفع التوقعات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى